الخميس، 1 فبراير 2024

العفو صفة العظماء



 العفو صفة العظماء

   يقال ان ملكا أمر بتربية عشرة كلاب وحشية لكي. يرمي لها كل وزير يخطئ فتنهشه وتأكله بشـراهة. فقام أحد الوزراء باعطاء رأي خاطئ لم يعجب الملك، فامر برميه للكلاب فقال له الوزير انا خدمتك عشر سنوات وتفعل بي هذا!! أمهلني عشرة أيام قبل تنفيذ هذا الحكم، فقال له الملك، لك ذلك. فذهب الوزير الى حارس الكلاب وقال له أريد ان أخدم الكلاب لمدة عشرة أيام فقط فقال له الحارس وماذا تستفيد، فقال له الوزير سوف أخبرك بالأمر لاحقاً فقال له الحارس: لك ذلك. فقام الوزير بالاعتناء بالكلاب واطعامها وتغسيلها وتوفير جميع سبل الراحة لها، وبعد مرور عشرة أيام جاء تنفيذ الحكم بالوزير وزج به في السجن مع الكلاب والملك ينظر اليه والحاشية فاستغرب الملك مما رآه وهو ان الكلاب جاءت تنبح تحت قدميه فقال له الملك: ماذا فعلت للكلاب فقال له الوزير: خدمت هذه الكلاب عشرة أيام فلم تنس الكلاب هذه الخدمة وأنت خدمتك عشر سنوات فنسيت كل ذلك، طأطأ الملك رأسه وأمر بالعفو عنه.
الانسان مهما كان عاقلاً حكيماً حاداً في ذكائه وفياً في ولائه لا بد أن يأتي عليه يوم ويقع في خطأ مقصود أو غير مقصود، فالانسان مهما يكن يظل انساناً يخطأ وينسى فلا يمكن أن نعد هذا الخطأ نهاية المطاف و أن نضرب بتأريخه المليء بالأعمال الصحيحة الناجحة عرض الحائط. أليس من المروءة أن نعطي له فرصة يصلح الخطأ الذي اقرتفت يداه عن قصد أو دون قصد؟ و من يدري لعل هذه الفرصة تكون وليدة آفاق جديدة تتلألأ فيها آلاف الأعمال الصالحة الرصينة فنستفيد منها قبل أن يستفيد هو منها.
لنلقي النظر لبرهة الى جانب آخر؛ أليس الله يقول في كتابه العزيز: { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } [ هود: 114]. فلماذا لا نتعامل مع هذه القضية من هذا المنطلق، فأخطائه ستتلاشى شيئاً فشيئاً كلما ظهرت له أعمالاً جيدة. بل سيجتهد أكثر لأنه سيفكر أن عليه أن يرد الجميل مع الذي عفا عنه وكان لطيفاً و ودوداً.
ان العفو صفة لا يحملها الا من كان عظيماً يحمل جينات النخوة والشهامة و من يرى نفسه في مكانة رفيعة فمن يعفو يكون لديه ما يعفو عنه أما الضعيف البخيل فليس 
لديه ما يعطي ففاقد الشيء لا يعطيه.

بيار قرني

0 comments: